السرطان مرض العصر القاتل، اجتاح اعضاء الجسم دون استثناء، لم يوفّر عضواً حيويّاً او نسيجاً الاّ و فتك به! لكنّه لم يستطع ان يجتاح القلب، ربّما لأن القلب هو معطي الحياة، او لأن القلب تحرّكه مشاعر الحبّ، و الحبّ أقوى من السرطان و سمومه!

المعروف ان القلب هو مضخّة الحياة التي تعمل ليل نهار دون كلل أو ملل، هو الجهاز الخارق العجيب الذي تقوم عليه حياتنا أكثر من أي جهاز حيوي آخر ، ويعتبر القلب من أهم الأعضاء الموجودة في جسم الإنسان لأنه المغذّي الرئيسي لكل الأعضاء و مصدر الطاقة لجميع خلايا الجسم!

ان معظم أجهزة وأعضاء الجسم تصاب بالسرطان كالمخ والرئة والدم، لكن لماذا لا يصاب القلب؟ وهل يملك المناعة الكافية ضد هذا المرض اللعين ؟

سرطان القلب مرض نادر جداً مقارنةً ببقية اعضاء الجسم، وفي دراسة جرت في الصين لــ ١٥٠٠٠ حالة ورم، كانت خمسة اصابات منها فقط في القلب، منها حالة واحدة فقط بورم خبيث .

والسبب الأبرز في ذلك هو أن خلايا القلب من النادر أن تنشطر، عكس خلايا الاعضاء الداخلية الأخرى، والتي يكثر فيها الخلايا الشحمية وهي أكثر أنواع الخلايا حملاً للمواد المسرطنة كالثدي .. وأيضاً لطبيعته العضلية، لأنه مغلف بغشاء يسمى “التامور”، وهو يحمي القلب من أخطار كثيرة منها الأورام السرطانية !

لقد أشارت الأستاذة المساعدة ” جاكلين بارنتوس ” في كلية “هوفسترا نورث شور” الطبيّة،  إلى أن الأورام الخبيثة في القلب نادرة للغاية، وتتجلّى بما يسمى بالساركوما، وهو نوع من الأورام تنشأ في الأنسجة الرخوة من الجسم، وتحدث احياناً في أنسجة عضلات القلب!

وأضافت بأن معظم السرطانات التي تنشأ في القلب تصل إليه من أنحاء أخرى من الجسم، اهمّها الرئتين!

وفي الواقع تؤثّر البيئة المحيطة على الجينات البشرية، ويؤدي تفعليها إلى تكاثر الخلايا السرطانية، وكلما زادت نسبة المواد السامّة، ازدادت معها نسبة المواد الدهنية المؤثّرة على الجينات الوراثية .

وما يجعل القلب أقل عرضة من باقي أعضاء الجسم للإصابة بالسرطان، كونه يحتوي على نسبة منخفضة من الخلايا الدهنية، بالإضافة إلى أنه مغلف بغشاء مملوء بسائل عازل، يشكل حصناً منيعاً ضدّ الخلايا السرطانية !

و عضلة القلب لا تحوي نسيجاً شحمياً، و هي مغلّفة بغشاء يدعى التامور، وهو قد يصاب بورم سرطاني لكنه يحافظ على وظيفته في حماية القلب، وبهذا يكون القلب منيعاً ضد السرطان.

و قد بيّنت الأبحاث ان هناك ثلاثة محاور تشكّل حماية اضافيّة للقلب من خطر الإصابة بورم سرطانيّ:

١- الحميّة الغذائيّة السليمة، الخاليّة من الدهون:

اثبتت الدراسات ان التغذيّة المتوازنة التي لا تحتوي دهوناً مشبعة تحفظ شرايين القلب و صماماته من اخطار عديدة، ابرزها الذبحة القلبيّة، و انسداد الصمّامات و طبعاً نشوء اورام خبيثة!

٢- النشاطات الجسديّة و الرياضة المعتدلة:

ان النشاط الجسدي المنتظم ينشّط عضلة القلب بشكل متواصل، فيمنع تراكم السموم في الدمّ، و يحفّز افراز هورمونات تتحكّم بنبضات القلب، مثل “النورأدرينالين” و “الأستيلكولين”، التي تساعد على انتظام خفقات القلب و استرخاء صماّماته!

٣- الإبتعاد عن مصادر التلوّث، و اخطرها مادة النيكوتين:

اثبتت الأبحاث ان تراكم القار و النيكوتين في الرئتين ليس فقط المسبّب الأول لسرطان الرئة، بل هو من العوامل الرئيسيّة في امتداد الخلايا السرطانيّة الى عضلة القلب و غشائه الواقي، ممّا يضعف مناعة القلب ضدّ الإصابة بورم سرطاني، او “ساركوما”!