أسرار

هل افكارنا تبرمج فعلاً خلايانا؟

تعودّنا ان نفكّر- او عوّدتنا عصور الأدب الجاهل و الفلسفة الجوفاء لقرون! – ان ما يصيبنا من ويلات هو بالكامل من صنع القدر او المجتمع او الحظ العاثر، و ان لا شأن لأفكارنا او مواقفنا من الأحداث اليوميّة بما يخبؤه لنا الغدّ من مصائب غير متوقّعة! لكن علم الجزئيّات الحديث اثبت عكس هذه النظريّة التقليديّة التي تفصل منطق الفكر عن منطق الجسد و ديناميكيّة الأحداث الخارجيّة!
لنفهم علميّاً كيف تتكوّن البرامج التي تنسجها أفكارنا في نظامنا البيولوجي ، هناك مئات الآلاف من المستقبلات العصبيّة على سطح كلّ خليّة من خلايانا! و كلّ نوع من هذه المستقبلات مختّص بنوع محدّد من البروتيين الوظيفي في الجسم! لذلك عندما نختبر مشاعر الغضب، الحزن، الإحساس بالذنب، الإثارة، الفرح او العصبيـّة، نسمح لكلّ نوع مختلف من هذه الإنفعالات ان يطلق “مخزونه” الخاصّ من الناقلات العصبيّة! و بدورها، تنتقل هذه الهورمونات في انسجة الجسم و تتواصل مع المستقبلات الخلويّة ممّا يؤدّي الى تغيير شكل الخليّة و خصائصها الوظيفيّة بشكلٍ جذري! لكن الأمور تصبح فعلاً مثيرة عندما تبدأ الخلايا عمليّة الإنقسام! هنا يمكننا ان نثبت نظريّة التجانس الفكري- البيولوجي، و هو في اساس علم النفس الحديث:
matchmallows-chocolate
ان الدراسات المختبريّة الحديثة في “كيمياء الجزئيّات” اثبتت ان الخلايا الجديدة الناتجة عن انقسام الخليّة الأمّ، سيكون لديها عدد اكبر من المستقبلات الكيميائيّة التي تتفاعل مع البروتيين الأساسي الذي تعرّضت له الخليّة الأم قبل انقسامها! و بالمبدأ نفسه، ستتضاءل المستقبلات التي تتفاعل مع البروتيين الذي لم تختبره الخليّة الأم!
بعبارات اكثر وضوحاً، ان كنت تعرّض خلاياك لبروتيين ناتج عن مواقف سلبيّة و أفكار تشاؤميّة، ستبرمج بشكلٍ دقيق خلاياك المستقبليّة على استقبال النوع ذاته من البروتيين! و الأخطر قد يكون انّك تقلّص بالمبدأ نفسه عدد المستقبلات الكيميائيّة الناتجة عن المواقف الإيجابيّة و الأفكار التفاؤليّة البنّاءة، ممّا يجعلك تدريجيّاً تتجّه نحو السلبيّة و التشاؤم!
ايّ ما تزرعه اليوم من أفكار هدّامة، إيّاه ستحصد غدّاً من إحباط و تعاسة! انّها ترجمة بيولوجيّة، اثبتها علم الجزئيّات الحديث، لقانون ” الكارما” المعترف به في عدد كبير من المدارس الفلسفيّة و الدينيّة!
لذلك يمكننا ان نفهم لماذا يحتاج الشخص المحبط الى وقت طويل، قد يتخطّى الأشهر، من التعوّد على انماط التفكير الإيجابيّ كي يحدث تغييراً جذريّاً في انماط تفكيره السلبيّة! و السبب يعود الى كون كلّ خليّة جسديّة يتمّ استبدالها خلال شهرين! امّا الخليّة العصبيّة فدورتها الحيويّة اطول بكثير، وقد تبقى ناشطة لأعوام!
لذلك، ان كنت تعاني من تاريخ طويل من التفكير السلبي، و الكآبة، و التشاؤم و الإحباط المستمّر، عليك ان تعمل على تغيير نمط تفكيرك لفترة منتظمة و طويلة، قبل ان تبدأ برؤية النتائج العمليّة في حياتك!

الفئات الصحة

التعليقات